من سيحاسب على مشاريع أيت قمرة في جهة طنجة؟
برزت قضية مالية معقدة تحمل في طياتها أكثر من مجرد أرقام وميزانيات في جهة طنجة. مشروع تهيئة ايت قمرة، الذي كان يفترض أن يكون رمزاً للنهضة والتقدم في المنطقة، تحول إلى موضوع جدل واسع بعد اختفاء مبلغ ضخم قدره 13 مليار سنتيم من ميزانيته.
المشروع، الذي واجه تعثرات عدة بفعل ارتفاع أسعار الأراضي المحيطة والفوضى التي صاحبت عمليات البيع والشراء وإبرام العقود، كان ينظر إليه كفرصة لتحقيق تحول حضري وتنموي مهم في المدينة. لكن مع مرور الوقت، بدأت تظهر علامات استفهام كبيرة حول إدارة الموارد المالية للمشروع تحت قيادة عمر مورو وفي ظل إدارة فؤاد عقا السابقة للوكالة.
التحقيقات الأولية تشير إلى أن التلاعبات في أرقام المشاريع وتحديثها بشكل مستمر من قبل المدعو عبد اللطيف المعطاوي، المكلف بمهام داخل الوكالة، قد يكون له دور كبير في اختفاء هذه الميزانية. الفوضى والبيانات المتضاربة داخل الوكالة تعكس عدم الكفاءة وربما النية في توجيه المصالح الشخصية فوق المصلحة العامة.
هذا الوضع يستدعي تحقيقاً عاجلاً وشاملاً من القائمين على حماية المال العام في المملكة، وذلك لتحديد مكامن الخلل واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد كل من تسبب في هذا الإهدار. المطلوب ليس فقط استرجاع المبالغ المفقودة، ولكن أيضاً ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة في إدارة المشاريع العامة.
في زمن يتطلع فيه المغرب إلى تعزيز مكانته كنموذج للتنمية والاستقرار في المنطقة، تأتي هذه القضية لتذكر بأهمية الحكم الرشيد والإدارة الفعالة للموارد. من الضروري أن تتخذ السلطات كافة الإجراءات لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، وأ
ن تؤكد للمواطنين والمستثمرين على حد سواء أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل يسوده النزاهة والعدالة.
في النهاية، يبقى السؤال الملح: كيف يمكن لمشروع بحجم تهيئة ايت قمرة أن يفقد ميزانية ضخمة كهذه دون حسيب أو رقيب؟ وما هي الخطوات التي ستتخذها الدولة لاستعادة هذه الأموال وضمان محاسبة المسؤولين؟ الأيام المقبلة قد تحمل في طياتها بعض الإجابات، ولكن حتى ذلك الحين، تبقى المسائلة والشفافية مطلباً ملحاً وأساسياً لضمان العدالة وتحقيق التنمية المستدامة.